الاتحاد الأوروبي يدرس تحويل الأصول الروسية المجمدة إلى صندوق لدعم أوكرانيا
الاتحاد الأوروبي يدرس تحويل الأصول الروسية المجمدة إلى صندوق لدعم أوكرانيا
كشفت صحيفة "بوليتيكو" الأميركية، اليوم الخميس، أن الاتحاد الأوروبي يدرس مقترحاً مثيراً للجدل يقضي بتحويل الأصول الروسية المجمدة إلى صندوق استثماري خاص أكثر مخاطرة، بهدف تحقيق عوائد مالية أعلى تُحوَّل لاحقًا إلى أوكرانيا لدعم جهودها في الحرب المستمرة مع روسيا.
وبحسب الصحيفة، فإن هذه الخطوة تتعلق تحديدًا بالأصول الروسية المحتجزة في شركة "يوروكلير" البلجيكية، والتي تُقدّر قيمتها بنحو 210 مليار دولار، من أصل 300 مليار دولار من الأصول الروسية التي جرى تجميدها في الغرب منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير 2022.
وبحسب مسؤولين أوروبيين تحدّثوا لـ"بوليتيكو" دون الكشف عن هوياتهم، يجري التفكير في إنشاء صندوق خاص خاضع لإشراف مؤسسات الاتحاد الأوروبي، يقوم باستثمار تلك الأصول في أدوات مالية أكثر ربحية، رغم ما تنطوي عليه من مستوى مخاطرة أعلى من الاحتفاظ بها على شكل سندات تقليدية منخفضة الفائدة.
ويأمل داعمو المبادرة أن يرفع هذا التحرك من قيمة العوائد المحصلة من الأصول المجمدة، والتي تُحوّل لاحقًا بشكل منتظم لمصلحة أوكرانيا، إلا أن نوع الاستثمارات المقترحة لم يُحدّد بعد، ما يثير تساؤلات قانونية وأخلاقية واقتصادية جدية.
تحايل على الفيتو المجري
تشير الصحيفة إلى أن أحد الأهداف غير المعلنة لهذا الصندوق هو التحايل على الاعتراض المحتمل من المجر، العضو في الاتحاد الأوروبي، والتي سبق وأبدت تحفظات على استخدام الأصول الروسية المجمدة في تمويل كييف، أو على تمديد العقوبات الأوروبية المفروضة على موسكو.
وتقول "بوليتيكو" إن المفوضية الأوروبية أجرت على مدى الأسابيع الماضية مشاورات مكثفة مع فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإستونيا، لبحث سبل تجاوز الاعتراض المجري، بينها خيار إنشاء الصندوق عبر ما يُعرف بـ"الأغلبية المؤهلة" في التصويت، دون الحاجة إلى الإجماع.
ومن المتوقع مناقشة المبادرة بشكل أولي يوم الخميس في اجتماع غير رسمي لوزراء مالية الاتحاد الأوروبي، بحسب الصحيفة.
انتقادات وتحذيرات قانونية
قوبل المقترح بانتقادات حادة من أطراف اقتصادية وقانونية داخل الاتحاد، حيث عبّر معارضوه عن مخاوف من أن تؤدي الاستثمارات المرتفعة المخاطر إلى خسائر، يتحمل عبء تغطيتها دافعو الضرائب الأوروبيون.
وأشار خبراء قانونيون إلى أن نقل الأصول المجمدة من وضعها القانوني الحالي إلى كيان استثماري، قد يتعارض مع القوانين الدولية ومع حقوق الملكية المنصوص عليها في مواثيق الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.
كما أشار البعض إلى أن التحرك قد يمهّد لنزاعات قضائية مع روسيا أو أطراف دولية ثالثة، بما في ذلك المستثمرون المتضررون من أي رد روسي.
رد روسي مرتقب
في المقابل، جاء التحذير الروسي سريعًا، إذ أكدت ماريا زاخاروفا، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، أن موسكو "لن تقف مكتوفة الأيدي" أمام هذا التطور.
وأضافت في تصريح رسمي أن "أي خطوة لتحويل عوائد الأصول الروسية المجمدة إلى أوكرانيا ستقابل برد فعل قوي وموجع"، دون تحديد طبيعته.
وتعد روسيا هذه الخطوة انتهاكًا صريحًا للقانون الدولي و"سرقة لأموال الدولة الروسية"، مشددة على أن أي استخدام غير مشروع للأموال المجمدة ستكون له عواقب دبلوماسية وتجارية.
أصول بمليارات الدولارات
بعد بدء الحرب الروسية في أوكرانيا، قامت الولايات المتحدة وكندا واليابان ودول الاتحاد الأوروبي بتجميد أصول روسية سيادية تُقدّر قيمتها بـ300 مليار دولار، معظمها ودائع تابعة للبنك المركزي الروسي ومستثمرة في سندات مالية غربية.
وفي الوقت الذي تمتلك فيه الولايات المتحدة ما يقارب 5 إلى 6 مليارات دولار من تلك الأصول، فإن الجزء الأكبر منها موجود في أوروبا، وتحديدًا في حسابات "يوروكلير"، وهي مؤسسة مالية دولية تتخذ من بلجيكا مقراً لها.
ويبقى القرار النهائي بشأن مصير هذه الأصول رهن التوافق الأوروبي الداخلي، وسط تصاعد الجدل حول ما إذا كان هذا الاستخدام سيُنظر إليه كسابقة قانونية خطيرة، يمكن أن تؤثر في ثقة المستثمرين الدوليين في النظام المالي الأوروبي.
ويخشى مراقبون أن يُمهّد هذا التوجه إلى تصعيد متبادل في "حرب اقتصادية" مستترة، قد تُفضي إلى تجميد روسيا أصولاً غربية على أراضيها أو اتخاذ خطوات انتقامية ضد شركات أوروبية وأمريكية عاملة في السوق الروسية.